الزواج في اليمن: بين الأصالة والتقاليد المتجددة
يُعد الزواج في اليمن من أبرز المحطات الاجتماعية التي تعكس عمق الثقافة
والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال، إذ لا يزال يحمل طابعًا مميزًا يجمع بين البساطة
من جهة، والطقوس الاحتفالية الغنية بالألوان من جهة أخرى.
الخطوبة وبداية المشوار
عادة ما تبدأ رحلة الزواج بالخطوبة، حيث يذهب أهل العريس لطلب يد الفتاة
رسميًا من أسرتها. ويُعتبر القبول بين العائلتين أساسًا لهذه المرحلة، يليها تبادل
الهدايا التي تُعرف محليًا باسم "المهر" أو "الصرّة"، ويختلف حجمها
وقيمتها بحسب العادات الاجتماعية والمكانة الاقتصادية.
ليلة الحناء
من أبرز المظاهر الاحتفالية ليلة الحناء، التي تُقام عادة قبل الزفاف بيومين
أو ثلاثة. تجتمع النساء في جو مليء بالغناء والرقص الشعبي، وتُزخرف أيادي العروس بالحناء
وسط أهازيج وأغانٍ تقليدية تعبّر عن الفرح والتفاؤل.
يوم الزفاف
يوم العرس في اليمن مشهد استثنائي، إذ يبدأ منذ الصباح الباكر بمواكب الفرح
التي يرافقها قرع الطبول وإطلاق الأعيرة النارية أحيانًا، ثم يلتقي الضيوف على مأدبة
كبيرة تضم الأكلات الشعبية مثل "السلتة" و"اللحم المندي". ويرتدي
العريس غالبًا الزي التقليدي المكوّن من الثوب الأبيض، والجنبية (الخنجر اليمني)، بينما
تتزين العروس بزي تقليدي قد يختلف بين المناطق.
اختلاف العادات بين المناطق
ما يميز الزواج في اليمن هو التنوع الكبير بين المناطق. ففي صنعاء على
سبيل المثال، يُشدد على حضور الطابع الديني والابتهالات، بينما في حضرموت تبرز ألوان
الفنون الشعبية والرقصات الخاصة كـ"الشرح الحضرمي". أما في تهامة وعدن، فتأخذ
الأعراس طابعًا أكثر بساطة وانفتاحًا.
بين التقاليد والواقع المعاصر
ورغم أن هذه العادات ما زالت حاضرة بقوة، إلا أن الظروف الاقتصادية والسياسية
التي مر بها اليمن في السنوات الأخيرة أثرت بشكل واضح على حفلات الزواج. حيث لجأ كثير
من الشباب إلى تقليص النفقات والاقتصار على احتفالات صغيرة، في محاولة للتكيف مع الأوضاع
المعيشية.
يبقى الزواج في اليمن مناسبةً لا تُجسد فقط اتحاد شخصين، بل اجتماع عائلتين ومجتمع بأسره حول قيم المودة والتكافل. ورغم ما يمر به البلد من تحديات، ما زالت هذه الطقوس تعكس روح الفرح والإصرار على الحفاظ على الهوية الثقافية.